ابونا يسى القديس العظيم
نشأته وحياتة
ولادته :
ولد الطفل يسى ميخائيل الراهب سنة 1877م من عائلة مباركة وواضح هذا من الأسم ، وكان في طفولته هادئاً مطيعاً وعلمته أسرته الآداب المسيحية وحب الكنيسة ....... كما كانت أسرة أبونا يسى تعلم أبونا يسى القراءة والكتابة بطريقة بسيطة جداً في كوم غريب وقطع فيها شوطاً كبيراً في حدود الأمكانيات .
شبابه المبكر :
كان مثالاً للشاب المسيحي مختلفاً عن أقرانه ، رزيناً صامتاً يصلى بأنتظام يقرأ في الكتاب المقدس .. كان يصلى في أجبيه خاصة كتبها بنفسه وبخط يده وكأنه يتذكر قول الكتاب ( أذكر خالقك في أيام شبابك ) ( جا 12:1 ) .
يسى أفندي في القاهرة :
هكذا كان يسمى بأفندى نظراً لأنخفاض مستوى التعليم في ذلك الوقت فكان كل من يتعلم يدعى بأفندى . وحينما وجد أن مستوى المعيشة منخفض جداً في كوم غريب فكر في السفر إلى القاهرة للبحث عن عمل يدر دخلاً .. وكأن به يقول ( للرب الأرض وملؤها المسكونة والساكنين فيها ) وكان ذلك سنة 1902م ، وكان مثالاً للشاب المسيحي في عمله وفى محبته للكل ولأن تفكيره كان فى السماء فعندما شعر بعدم راحة في العمل نظراً لتأثيره على حياته الروحية من صلاة .. وصوم إنقطاعى .. قدم استقالته سنة 1903م بسبب إساءة بعض العمال المستمرة له مفضلاً ( أن لا يجلس فى مجلس المستهزئين ) ( مز1 : 1-3 ) .
كان المفروض بعد تركه العمل أن يعود إلى بلدته كوم غريب ، لكن الروح القدس كان يقود دفة حياته كما كان الروح القدس يقود بولس الرسول عندما كان يريد أن يذهب إلى بثينية فلم يدعه الروح القدس وظهرت لبولس رؤيا في الليل رجل مكدونى قائم يطلب إليه ويقول ( أعبر إلى مكدونية وأعنا ) ( أع16 : 7-9 ) .
وفكر بقيادة الروح القدس أن يتبارك من كنيسة القيامة في القدس ، والعجيب إنه لم يذهب يزور الأماكن لعدة أيام ويعود ولكنه مكث هناك ثلاثة شهور كاملة وكان ذلك في عام 1904م وكأن به قد توقف في بستان جثسيمانى يعتصر متذكراً المسيح الذي تصبب عرقه كقطرات دم في هذا البستان وهو يصلى في جلجثة الصلب وقف يذرف الدموع وهو يناجى إلهه ( يا من ذقت الموت من أجلى في وقت الساعة السادسة .. يا من دست المعصرة وحدك ) ويتذكر إلهه مكللاً بإكليل العار والبشرية التي جاء لأجل خلاصها على وجهه تبصق وهو يصرخ من أعماقه يا جراح المسيح اجرحيني بحربة الحب الإلهي ، وفى كنيسة القيامة تهلل فرحاُ وهو يرى نور القيامة الذي يملأ كنيسة القيامة في عيد القيامة هذا النور الإلهي الذي يراه ويأخذ بركته كل من يزور كنيسة القيامة في القدس ولم يكن يسى أفندي يعرف أن السماء تعده في هذه الفترة لشئ ما ، وعاد إلى قريته
كوم غريب عام 1905م ونال سر الزيجة المباركة في نفس السنة .
يسى أفندي يسبق عصره ويفتتح فصلاً لتعليم أبناء قريته الأمية :
تعليم الكبار خطة قومية لذلك تعد من أكبر أجهزة الدولة حالياً ، ويسى أفندي يسبق عصره بقرن من الزمان ويقوم بتعليم الأميين القراءة والكتابة هكذا قال الشماس حلمي جيد أستاذ ومربى الأجيال في هذه القرية وفى الكنيسة ، قال بالحرف الواحد ( أن القديس يسى فتح فصلاً لتعليم القراءة والكتابة والمزامير ) .
حياة الكهنوت
يسى قساً على كنيسة الأنبا شنودة رئيس المتوحدين بكوم غريب :
( حقاً لا يأخذ أحد هذه الوظيفة بل المدعوا من الله كما قال هارون )
بالرغم من وجود كاهنين بالكنيسة هما القمص مشرقي ساويرس والقمص بولس ساويرس ونظراً لأتساع الخدمة طلب أهل البلدة كاهناً من نفس البلدة وأختاروا يسى أفندي لهذا المنصب المقدس وأمام دعوة الكهنوت كان صامتاً مطيعاً كما عهدناه دائماً وهو يقول هو الرب وما يحسن في عينيه فليفعل وفى صيف 1905م وضعت اليد على يسى ميخائيل بيد مثلث الرحمات أسقف سوهاج في ذلك الوقت .
ودوى صوت نيافته يسى قساً على كنيسة الأنبا شنودة بكوم غريب ، وعمت الفرحة أرجاء القرية الصغيرة الهادئة وتحول يسى أفندي إلى أبونا يسى ليبدأ خدمته وكرازته يقوده الروح القدس .
* في خدمته البساطة منهجه وإنكار الذات طريقه :
وبدأت خدمة القس يسى في كوم غريب وكانت البساطة المملؤة حكمة سر هذا الرجل القديس ، وكان ببساطته المعروفة عنه يجذب الكثيرين إلى المسيح فقد كان يسلك ببساطة وحكمة وبشاشة وحب ويفرح بأولاده ويفتقدهم بعطفه ومحبته ، كان افتقاده من أول اليوم إلى أخره زيارته كانت سبب بركة لكل بيت يدخله .
* درجة القمصية كانت مفاجأة له لم يتوقعها :
كانت خدمة أبونا يسى عميقة روحياً وكان محتملاً كل شئ من أجل مسيحه الغالي راضياً قانعاً في كل شئ خادماً أميناً راعياً شعبه بطهارة وبر .
وفى أحدى زيارات المتنيح الأنبا مرقس مطران أبو تيح لكوم غريب في سنة 1937م طلب من القس يسى أن يخضع أمام الله وسمع كل من في الكنيسة هذه المفاجأة المفرحة يسى قمصاً على كنيسة الأنبا شنودة رئيس المتوحدين ، وفيما هو يهرب من الكرامة توجته السماء بهذه الدرجة المقدسة .
* لم يكن واعظاً لكنه كان أبلغ عظة :
ستتعجب جداً حينما تعرف أن القديس يسى لم يعظ في حياته ، وستتسأل كيف كان يعلم وكيف كان يجذب الناس وكيف كان يوضح المسيحية ؟!!
" أنا أريك بأعمالي إيماني " ( يع 2 : 7 ) .... كانت حياته بساطته .. وحكمته .. أفتقاده وروحانياته .. أبلغ العظات ، كان درساً عملياً ليقول مع القديس بولس الرسول ( تمثلوا بي كما أنا بالمسيح ) . كان الكل يأتون إلى حضن المسيح والكنيسة ليعرفوا مصدر إشعاع المسيح في هذا القديس .
وقد حكى أحد أبناء قريته أن طبيباً مشهوراً في طما في ذلك الوقت كان لا يمر ناحية كوم غريب إلا ويذهب لأخذ بركة القديس القمص يسى وعلى حد قوله " أخذ بركة هذا الأب لأني محتاج إليها " ، ليقدم لنا مثالاً عملياً للعظة .. حياته كانت أعظم العظات .
* القديس يسى وطريق التجارب :
كما سار إبراهيم في طريق التجارب التي نعرفها جميعاً وأعمقها حينما قدم أسحق ذبيحة وكما كان الأباء يفرحون حينما ينالون بركة التجارب .
كان القديس يسى على موعد مع التجارب ، كان أصعبها فقد أبنه الوحيد إبراهيم ووقف يصلى وهو يذرف دموع الفراق في صمت قائلاً ( صمت لا أفتح فمي لأنك آنت فعلت .. وكان يردد ربنا أسترد وديعته ) . الرب أعطى الرب أخذ فليكن أسم الرب مباركاً ، مشاركاً في ذلك ومتعلماً من أيوب النبي حينما أخذ الله منه كل شئ حتى أولاده .
* التجارب تستمر وزوجته تفقد بصرها :
غلبت عاطفة الأمومة زوجة القديس يسى فكانت مثل راحيل تبكى على أبنها ولا تريد أن تتعزى لأنه ليس بموجود ، وظلت سنيناً تذرف الدموع حتى فقدت بصرها تماماً وبدأت مرحلة في حياة أبونا يسى .
خدمته صليب وزوجته صليب فقد ظل أبونا يسى يخدم زوجته ويقوم بنفسه دون مساعدة من أحد بخدمتها من كل النواحي حتى نياحتها ، وفى نفس الوقت لم يقصر في خدمته وأفتقاده وأبوته لشعبه وأستمر القديس يسى حاملاً صليب زوجته من ناحية وصليب خدمته ناكراً ذاته فرحاً راضياً بما أراده الله له .. معطياً درساً في احتمال المشقات مؤمناً بأن ( آلام الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا ) ، ولعلنا نتعلم درساً عميقاً في التجارب مهما كانت قاسية ، هل سنفعل كما فعل أبى القديس ؟ أم نتذمر ونشكو ونقول لماذا فعل الله بنا ذلك ؟؟؟؟
* القديس يسى وحبه للإكليريكبة :
بالرغم من أنه لم يعظ ولا يعرف الوعظ إلا أنه عرف قيمة وأهمية التعليم لذلك تبنى أبن أخيه جندي سرجيوس وألحقه بالكلية الإكليركية بالقاهرة وتخرج منها في مايو 1966 وتمت سيامته كاهناً على كنيسة السيدة العذراء في سبك الأحد في 24/9/1967 ، ثم قمصاً في سبتمبر 1971 وكان القديس يسى يحبه جداً وكان يناديه دائماً يا مختار الله ويروى أبونا القمص صموئيل أنه تصادف مروره أمام البطريركية قبل رسامته وأخذ بركة البابا كيرلس الذي ناداه بأبونا صموئيل وبالفعل تمت رسامته بهذا الأسم على يد الأنبا ديسقورس المتنيح مطران المنوفية .
* كان القديس يسى رجل صلاة وتسبيح :
لقد كان أبى القديس يسى رجل صلاة وصل إلى أعلى درجاتها حتى كان لسان حاله يقول مع داود النبي الملك ( أما أنا فصلاه ) ، فكثيراً ما كان يختلي بنفسه ويلتصق بإلهه الذي أحبه ومات لأجله .. كان يدخل بيته في السادسة مساءً بعد يوم كامل من الأفتقاد والقداسات والخدمة ويعود مثل الرسل ( ولما رجع الرسل حثوه بما فعلوا ) ( لوقا 1:9 ) وتراه في الشارع في السادسة صباحاً ، لأنه رجل صلاة وتسبيح نسخ أبصلمودية بخط يده وهى الآن طرف الأب الموقر القمص صموئيل سرجيوس أبن شقيقه كاهن كنيسة العذراء بسبك الأحد منوفية ، وأيضاً الأجبية التي نسخها بخط يده وغلفها بالجلد وقد أهداها أبونا صموئيل للأب يؤانس كمال .
* أبونا يسى سبب بركة لكثيرين :
يذكر الكثيرون أن مطران الأقباط الكاثوليك في أثناء زيارته لكوم غريب طلب أن يقابل رجل الله القديس يسى وطلب منه أن يشرب من كوب ماء ويشرب هو ورائه لإيمانه في بركة القديس يسى .
وقد كان لأحد جيرانه كلاباً متوحشة إذا خرجت من المنزل قطعت الطريق تماماً لكن أبونا يسى كان يسير أمامها دون أن يسمع صوتها وسط دهشة أهل البلدة وكانوا يقولون حقاً أن هذا الرجل هو رجل الله .
صلوا من اجلي ميرت
[center]