في حياة كل إنسان قد توجد مشاكل: فكيف يمكن مواجهتها حتي لا تتطور الي ماهو أصعب: بعض الناس يلجأ الي حلول خاطئة لا تفيده شيئا. و هناك من يواجه المشكلة بالاضطراب والحزن وأحيانا بكثرة البكاء والانهيار. كما يحدث مع كثير من النساء وينبغي أن نعرف أن البكاء لا يحل المشكلة والحزن لا يحلها وربما في الاضطراب يرتبك في أخطاء أخري يقع فيها فتتعد معه الأمور.
البعض الآخر قد يواجه المشكلة بحيلة خاطئة مثال ذلك الذي يحل مشكلة الفقر بالسرقة أو بوسائل أخري كالاحتيال أو النصب أو الرشوة وبهذا يحاول أن يعالج المشكلة بخطية, والخطية لا تؤدي الي نتيجة سليمة وأن بدت موصلة الي الغرض في باديء الأمر! وما أسهل أن تؤدي الي نتائج سيئة أو خطيرة فيما بعد كأن توصل الي السجن أو الي سوء السمعة علي الأقل.
ومن أمثلة معالجة المشكلة بخطية أن فتاة تزني وتحمل ـ فتعالج هذه المشكلة بالاجهاض فتضيف الي خطية الزني خطية القتل ( قتل الجنين ) وبهذا تقع في مشاكل أخري اجتماعية ودينية.
وأحيانا يحاول شخص أن يحل مشكلته بالغضب, أو بالكذب أو الإنكار, ويقول إنه لم يفعل, أو يحاول إلصاق الخطية بشخص آخر وبهذا يضيف الي الكذب خطية أخري هي ظلمه للغير.
وهناك من يحاول أن يحل مشكلته بالغضب أو النرفزة, مثل أب يلاحظ إهمال ابنه أو تأخره في العودة مساء فيضربه في عنف ويمنعه من الخروج من البيت وتحدث مشاكل جديدة نتيجة لعنف الأب, وطبعا ليس هذا علاجا علي الاطلاق بل قد تكون له نتائج جانبية رديئة.
ومن أمثلة هذا أيضا الزوج الذي يعامل أخطاء زوجته بعنف بالضرب أو الطرد أو الحبس في البيت: وتكون هذه نقطة البداية في فشل الحياة الزوجية.
وهناك أيضا من يحاول أن يحل مشكلته بالعناد, وهذا النوع تكون في نفسيته ألوان من الكبرياء أو الانانية, وقد يسمي ما بدر منه عِزَّة نفس أو كرامة فيصر علي رأيه أو علي تصرفه مهما قاد ذلك الي نتائج سيئة ويستمر في تشدده وتتعقد المشكلة أكثر من الاول بكثير ولا ينفعه عناده بشيء ولا يحل المشكلة.
ولكن هناك طرقا سليمة لمواجهة المشاكل
أول طريقة للتخلص من المشاكل هي الوقاية منها فلا تنتظر حتي تأتيك المشكلة ثم تفكر كيف تحلها وإنما الأفضل أن تتجنبها قبل أن تأتي ولذلك ضع أمامك قاعدة هامة وهي( علاج الأسباب قبل علاج النتائج) إذن إبحث أولا عن سبب المشكلة, فإن كانت هناك خصومة بينك وبين إنسان هل يكفي أن تذهب اليه وتطلب منه العفو دون أن تعالج أسباب الخصومة؟! فإن بقيت الأسباب تبقي الخصومة مهما فعلت.
ونفس الوضع في العلاقات الزوجية قد تذهب الزوجة الي بيت أبيها غاضبة( لأسباب معينة) فهل يكفي أن تحل المشكلة بأن نرسل اليها وساطة لترجعها؟! أم الحل الطبيعي هو معالجة الأسباب التي أتت بها الي الخروج من البيت.
وأحيانا يفكر الناس في أسباب غير حقيقية لمشكلتهم: كفتاة مثلا كلما يأتيها خطيب لا يرجع اليها مرة أخري وبتكرار الامر تظن أن هناك عملا قد عُمِل لها!! وبهذا يتلقفها من يدعون فك العمل!! بينما قد يكون السبب الحقيقي هو مقابلة أسرتها للخطيب بطريقة غير لائقة! أو تعقيد الأمور بمبالغ مالية لا يقدر عليها الخطيب فلا يرجع.. أو أن أسلوبهم في الكلام لا يعجبه ويكون حل المشكلة في تفادي هذه الأسباب.
حل المشاكل يحتاج أيضا الي حكمة, فالانسان الحكيم يمكنه أن يحل مشاكله بعقل رزين وبتفكير هاديء ذلك لأن الانسان المضطرب لا يستطيع أن يفكر بطريقة متزنة بل أن تفكيره المشوش لا يوصله الي حل.
ولعلك تقول: وإن لم تكن لدي حكمة فماذا أفعل؟
أقول لك: عليك حينئذ بالمشورة والصالحة. إلجأ الي انسان عاقل أو الي أب روحي حكيم لكي ينصحك بما يحل إشكالك وفي ذلك قال الشاعر:
اذا كنت في حاجة مرسلا فأرسل حكيما ولا توصه
وإن باب أمر عليك إلتوي فشاور لبيبا ولا تعصه
ولاتعتمد علي نفسك فقط في حل مشاكلك فكثيرا ما تحتاج الي عقل الي جوار عقلك لكي يسنده والانسان الحكيم يفترض حلولا كثيرة لمشاكله.
والإنسان العاقل إن كانت له مشكلة مع شخص يراعي عقلية ذلك الشخص ونوعية نفسيته لكي يعرف أسلوب التعامل معه فإن تعامل مع امرأة يراعي نفسية المرأة وليس نفسيته هو فقط, فمشكلتك مع شخص ذكي غير مشكلتك مع شخص بسيط ومشكلتك مع العنيف غير مشكلتك مع الهاديء.
والانسان الحكيم يراعي في حل مشكلته الوقت والظروف ففي بعض الأوقات تكون الظروف مواتية, وفي أوقات أخري تكون الظروف لا تسمح فيحسن تأجيل الموضوع الي موعد آخر.
هناك مشاكل تحتاج في حلها الي صبر وتحمل وأخري تحتاج الي شيء من التواضع والكلمة الطيبة ومشاكل أخري تحتاج الي الصلاة والايمان.
جريدة الأهرام اليوم 22/1/2012