" الله بعد ما كلم الآباء بالأنبياء قديماً بأنواع وطرق كثيرة " . (عب1:1)
كل إنسان تصله كلمة الله ، كلمة الله الخاصة به هو الله كلم الآباء بأنواع وطرق كثيرة
كلم موسى فى العليقة فى وقت لم يكن يتوقع فيه إطلاقاً أن تصله كلمة الله ، وبهذه الصورة .. وأحياناً كان يكلمه من خيمة الاجتماع ، أو من على الجبل .
وهكذا كلم شاول الطرسوسى ، فى الطريق ، فى وقت غير متوقع . ولقد كلم الرب حتى الخطاة غير المستحقين : مثلما كلم قايين بعد قتله هابيل ، ومثلما كلم بلعام الذى أخل شعب اسرائيل كله
..
وكانت كلمة الله للبعض مباشرة ، والبعض الآخر غير مباشرة .
فقد كلم كلم الرب أخاب الملك الشرير عن طريق ايليا النبى ، وكلم عالى عن طريق صموئيل ، وكلم هيرودس عن طريق المجوس .. وكلم كثيرين بطريق مباشر .
وكلم الرب انواعاً من الناس ، حتى الأطفال :
كلم صموئيل الطفل ، ولما لم يدرك كلمة الرب إليه ، كرر الكلام إليه مرتين وثلاثاً . وكذلك كلم ارميا النبى وهو صبى ، وهو لا يعرف أن يتكلم لأنه ولد
..
وكانت كلمة الرب متنوعة الأغراض والأهداف :
كلم ارميا ليوجه إليه الدعوة للخدمة ، وكذلك شاول الطرسوسى ، وكلم موسى النبى لينقل الشريعة للناس ، وكلم ابراهيم مرة ليجربه ومرة أخرى ليخبره بعزمه على حريق سادوم ، ومرات أخرى .. وكلم قايين ليوقع عليه عقوبة ، وكلم المجوس ليحذرهم من هيرودس ..
مهما تعددت الأغراض . هناك كلمة يوصلها الله لكل إنسان تحمل رسالة الله اليه ، فى هذه رسالة الله اليك ..
الذين كانوا يأتون من اقاصى الأرض ليسمعوا كلمة منفعة من فم قديس . ما كانوا يرونها كلمته ، بل كلمة الله ..
الحواس المدربة تستطيع أن تلتقط كلمات الله اليها . بل ربما كلمة توبيخ تسمعها من أناس تكون مرسلة من الله إليك .
داود النبى ، وهو هارب من ابنه ابشالوم ، قابله شمعى بن جيرا فى الطريق ، وشتمه شتائم مرة جارحة . ولما اراد المحيطون به ان ينتقموا من الرجل لأنه شتم مسيح الرب ، منهم داود قائلاً " الله قال لهذا الانسان اشتم داود .. " لقد استفاد داود روحياً من تلك الشتيمة وكأنها من الله .
و لكن مسكين هو الانسان ، الذى يرسل الله اليه كلمة فلا يستفيد منها أو يرفضها كأنها ليست من الله ...
هيرودس ارسل الله اليه المجوس برسالة ، فلم يستفد منها إطلاقاً وبيلاطس وصل إليه كلمة الله ذاته ، ولم يستفد .
اغريباس الملك ، ارسل الله إليه بولس الرسول بكلمات منه أثرت فيه فقال لبولس
" بقليل تقنعنى أن أصير مسيحياً . ومع ذلك لم يصر مسيحياً .
وكما ارسلت كلمة الله الى اغريباس ، أرسلت الى فيلكس الوالى : ولكن لم يعطى مجالاً لكلمة الله كى تعمل فيه .
ومرثا وصلتها كلمة الله ، تماماً مثلما وصلت الى مريم . ولكنها تشاغلت عن الكلمة
الله يجول يصنع خيراً ، يرسل كلماته إلى الناس ، يلقى بذاره على كل الأراضى ، حتى على الأرض المحجرة ، والأرض المملوءة شوكاً .. يلقى كلمته ، ويترك سامعها لإرادته
وكثيرون من الذين وصلت إليهم كلمة الله ، لم يتلوها :
الشاب الغنى سمع كلمة المسيح إليه ، فمضى حزيناً لأنه كان ذا أموال كثيرة .
وآخرون سمعوا كلمة الرب فاعتذروا عن تلبيتها ، البعض بسبب أن كان له خمس بقرات ، والآخر إذ كان له حقل والثالث لأنه كان قد تزوج ..
الله يرسل الكلمة ، وهذه الكلمة وصلت للكل ، لم يحرم منها أحداً ، حتى يهوذا الخائن وصلته كلمة الله أكثر من مرة .
جميلة هى عبارة " وكانت كلمة الرب إلى ايليا " .. كانت إليه هو بالذات ، وليست الى باقى الناس .. كلمة خاصة .. كذلك ما أجمل قول الرب لسمعان القديس " لى كلمة أقولها لك " .
وكلام الرب قد يوصله بطريقة معجزية ، أو بطريقة عادية :
القديس الأنبا انطونيوس دخل الى الكنيسة ، وسمع الانجيل ، نفس الانجيل الذى قرئ على جميع الناس .. ولكن آية معينة استوقفته ، شعر انها موجهة اليه بالذات " اذهب بع كل مالك ، واعطه للفقراء ، وتعال اتبعنى " ... شعر أن هذه الكلمة لها تأثير خاص فى نفسه ، وانها مرسلة إليه هو ، فذهب وباع كل ماله .. ولما حاربته الأفكار من جهة أخته ومستقبلها ذهب إلى الكنيسة وشعر أن هناك رسالة فى انتظاره وهى قول الكتاب : لا تهتموا بما للغد ، كانت رسالة إليه بالذات .
هناك أشخاص لهم أذن حساسة لكلمات الله " لهم الحواس المدربة " تستطيع أن تدرك الكلمة المرسلة من الله إليهم . وهؤلاء لا يأخذون كلمة الله من الكتاب المقدس فقط . الأنبا انطونيوس فى بداية رهبنته – تنسك عند شاطئ النهر وهناك رأى امرأة اعرابية ، قد جاءت وخلعت ملابسها أمامه ، ونزلت عارية إلى النهر . فتعجب القديس وقال لها " يا امرأة " اما تستحين أن تتعرى امامى ، وانا رجل راهب ؟! " . فضحكت المرأة وقالت له : لو كنت راهباً ، لدخلت إلى البرية الداخلية لأن هذا المكان لا يصلح لسكن الرهبان . أدرك القديس انها رسالة من الله اليه ، على فم المرأة وللحال قام وذهب إلى البرية الداخلية حسب كلمة كلمة الله إليه .
لا تظن ان كلمة الرب لا تصل اليك إلا على لسان نبى أو ملاك ! فربما تصل على لسان مثل هذه المرأة .
واهتمت بأمور أخرى كثيرة . وفيما كانت مريم تنتفع بالكلمة ، كانت مرثا تضطرب وتتذمر ! .
الرجل الروحى ، ليس فقط يلتقط كلمة الله ، إنما يخفيها فى قلبه ويتأملها ويستفيد منها .. لذلك ما أجمل ما قيل عن أمنا العذراء مريم انها كانت تحفظ كل هذه الأمور متأملة بها فى قلبها
.
إن الكنيسة من أجل فائدة كلمنة الله ، تقرأ علينا فصلاً من الانجيل فى كل صلاة من صلوات الأجبية ، وفصلاً من الانجيل فى بخور عشية ، باكر ، وفى القداس ، وفصولاً من الرسائل ومن اعمال الرسل ، ونسمع وكأن الكلام ليس لنا !! ليست لنا الحواس المدربة التى تلتقط رسالة الله الينا فى هذا الذى نسمعه .
قديماً كان الاهتمام بكلمة الله اكثر من أيامنا هذه :
" ولتكن هذه الكلمات التى انا أوصيك بها اليوم على قلبك ، وقصها على أولادك ، وتكلم بها حين تجلس فى بيتك ، وحين تمشى فى الطريق وحين تنام وحين تقوم . واربطها علامة على يدك ، ولتكن عصائب بين عينيك . واكتبها على قوائم ابواب بيتك وعلى ابوابك " (تث6: 6-9) .
أحياناً الله يرسل الله لك كلمته فى حادث معين .
فى مرض أو لغيرك ، أو فى وفاة أحد معارفك ، أو فى حادث معين يرسل لك الله رسالة واضحة أو كلمة خاصة . فلا تجعل هذه الأمور تمر عليك بلا فائدة .
بقليل من الذكاء أو بقليل من الملاحظة ، نفهمها .
ما أكثر الرسائل التى يرسلها لنا الله واضحة فى حياتنا اليومية " فلما سمعوا نخسوا فى قلوبهم .. وقالوا ماذا نصنع ؟ .
كلمة الله حية وفعالة وامضى من كل سيف ذى حدين .. أثرت فى زكا وفى سجان فيلبى ولكن البعض قد ينخسه فى قلبه ويترك الأمر بعد . دون ان يقرر قراراً أو يعمل عملاً . لا تترك كلمة الله تمر عليك دون أن تأخذ قوتها